- و اخر قبل ان يركب البحر و يسير على الامواج المعربدة يستغيث بخشب هو اقصف من المركب الذي يحمله
- لان المركب اخترعه حب الكسب و صنعته الحكمة المهندسة
- لكن عنايتك ايها الاب هي التي تدبره لانك انت الذي فتحت في البحر طريقا و في الامواج مسلكا امنا
- و بينت انك قادر ان تخلص من كل خطر و لو ركب البحر من يجهل صناعته
- و انت تحب ان لا تكون اعمال حكمتك باطلة فلذلك يودع الناس انفسهم خشبا صغيرا و يقطعون اللجة في سفينة و يخلصون
- و في البدء ايضا حين هلك الجبابرة المتكبرون التجا رجاء العالم الى سفينة و ارشدته يديك فابقى للدهر ذرية تتوالد
- فالخشب الذي به يحصل البر هو مبارك
- اما الخشب المصنوع صنما فملعون هو و صانعه اما هذا فلانه عمله و اما ذاك فلانه مع كونه فاسدا سمي الها
- فان الله يبغض المنافق و نفاقه على السواء
- فيصيب العقاب المصنوع و الصانع
- لذلك ستفتقد اصنام الامم ايضا لانها صارت في خلق الله رجسا و معثرة لنفوس الناس و فخا لاقدام الجهال
- لان اختراع الاصنام هو اصل الفسق و وجدانها فساد الحياة
- و هي لم تكن في البدء و ليست تدوم الى الابد
- لانها انما دخلت العالم بحب الناس للمجد الفارغ و لذلك قد عزم على الغائها عن قريب
- و ذلك ان والدا قد فجع بثكل معجل فصنع تمثالا لابنه الذي خطف سريعا و جعل يعبد ذلك الانسان الميت بمنزلة اله و رسمللذين تحت يده شعائر و ذبائح
- ثم على ممر الزمان تاصلت تلك العادة الكفرية فحفظت كشريعة و باوامر الملوك عبدت المنحوتات
- و الذين لم يستطع الناس اكرامهم بمحضرهم لبعد مقامهم صوروا هيئاتهم الغائبة و جعلوا صورة الملك المكرم نصبالعيون حرصا على تملقه في الغيبة كانه حاضر
- ثم ان حب الصناع للمباهاة كان داعية للجاهلين الى المبالغة في هذه العبادة
- فانهم رغبة في ارضاء الامر قد افرغوا وسعهم في الصناعة لاخراج الصورة على غاية الكمال
- فاستميل الجمهور ببهجة ذلك المصنوع حتى ان الذي كانوا قبل قليل يكرمونه كانسان عدوه الها
- و بهذا كان اقتناص الخلق فان رزيئة بعض الناس او اقتسار الملوك استعبدهم حتى جعلوا على الحجر و الخشب الاسم الذيلا يشرك فيه احد
- ثم لم يكتفوا بضلالهم في معرفة الله لكنهم غاصوا في حرب الجهل الشديدة و هم يسمون مثل هذه الشرور سلاما
- فانهم يمارسون ذبائح من بنيهم و شعائر خفية و مادب جنون على اساليب اخر
- لا يرعون حسن السيرة و لا طهارة الزواج فيقتل الرجل صاحبه بالاغتيال و يمضه بالفاحشة
- شر متفاقم في كل موضع الدم و القتل و السرقة و المكر و الفساد و الخيانة و الفتنة و الحنث و قلق الابرار
- و كفران النعمة و تدنس النفوس و التباس المواليد و تشوش الزواج و الفسق و العهر
- لان عبادة الاصنام المكروهة هي علة كل شر و ابتداؤه و غايته
- فانهم اذا فرحوا جنوا او تنباوا كذبوا او عاملوا ظلموا او حالفوا اسرعوا الى الحنث
- و لتوكلهم على اصنام لا ارواح له لا يتوقعون اذا اقسموا بالزور ان ينالهم الخسران
- فهناك امران يستحقون بهما حلول اعقاب سوء اعتقادهم في الله اذ اتبعوا الاصنام و قسمهم بالظلم و المكر اذاستخفوا بالقداسة
- لان معصية الظالمين انما يتعقبها القضاء على الخطاة لا قدرة المقسم بهم