- حينئذ يقوم الصديق بجراة عظيمة في وجوه الذين ضايقوه و جعلوا اتعابه باطلة
- فاذا راوه يضطربون من شدة الجزع و ينذهلون من خلاص لم يكونوا يظنونه
- و يقولون في انفسهم نادمين و هم ينوحون من ضيق صدرهم هذا الذي كنا حينا نتخذه سخرة و مثلا للعار
- و كنا نحن الجهال نحسب حياته جنونا و موته هوانا
- فكيف اصبح معدودا في بني الله و حظه بين القديسين
- لقد ضللنا عن طريق الحق و لم يضئ لنا نور البر و لم تشرق علينا الشمس
- اعيينا في سبل الاثم و الهلاك و همنا في متايه لا طريق فيها و لم نعلم طريق الرب
- فماذا نفعتنا الكبرياء و ماذا افادنا افتخارنا بالاموال
- قد مضى ذلك كله كالظل و كالخبر السائر
- او كالسفينة الجارية على الماء المتموج التي بعد مرورها لا تجد اثرها و لا خط حيزومها في الامواج
- او كطائر يطير في الجو فلا يبقى دليل على مسيره يضرب الريح الخفيفة بقوادمه و يشق الهواء بشدة سرعته و برفرفة جناحيهيعبر ثم لا تجد لمروره من علامة
- او كسهم يرمى الى الهدف فيخرق به الهواء و لوقته يعود الى حاله حتى لا يعرف ممر السهم
- كذلك نحن ولدنا ثم اضمحللنا و لم يكن لنا ان نبدي علامة فضيلة بل فنينا في رذيلتنا
- كذا قال الخطاة في الجحيم
- لان رجاء المنافق كغبار تذهب به الريح و كزبد رقيق تطارده الزوبعة و كدخان تبدده الريح و كذكر ضيف نزل يوما ثم ارتحل
- اما الصديقون فسيحيون الى الابد و عند الرب ثوابهم و لهم عناية من لدن العلي
- فلذلك سينالون ملك الكرامة و تاج الجمال من يد الرب لانه يسترهم بيمينه و بذراعه يقيهم
- يتسلح بغيرته و يسلح الخلق للانتقام من الاعداء
- يلبس البر درعا و حكم الحق خوذة
- و يتخذ القداسة ترسا لا يقهر
- و يحدد غضبه سيفا ماضيا و العالم يحارب معه الجهال
- فتنطلق صواعق البروق انطلاقا لا يخطئ و عن قوس الغيوم المحكمة التوتير تطير الى الهدف
- و سخطه يرجمهم ببرد ضخم و مياه البحار تستشيط عليهم و الانهار تلتقي بطغيان شديد
- و تثور عليهم ريح شديدة زوبعة تذريهم و الاثم يدمر جميع الارض و الفجور يقلب عروش المقتدرين